الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
.قال ابن عاشور: {فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ (15)}الفاء لتفريع القسم وجوابه على الكلام السابق للإِشارة إلى ما تقدم من الكلام هو بمنزلة التمهيد لما بعد الفاء فإن الكلام السابق أفاد تحقيق وقوع البعث والجزاء وهم قد أنكروه وكذبوا القرآن الذي أنذرهم به، فلما قُضي حق الإِنذار به وذكر أشراطه فرع عنه تصديق القرآن الذي أنذرهم به وأنه موحى به من عند الله.فالتفريع هنا تفريع معنىً وتفريع ذِكرٍ معاً، وقد جاء تفريع القَسَم لمجرد تفريع ذكر كلام على كلام آخر كقول زهير:عَقِب نسيب معلقته الذي لا يتفرع عن معانيه ما بَعْد القَسَم وإنما قصد به أن ما تقدم من الكلام إنما هو للإِقبال على ما بعد الفاء، وبذلك يظهر تفوق التفريع الذي في هذه الآية على تفريع بيت زهير.ومعنى: (لا أقسم): إيقاع القسم، وقد عُدّت (لا) زائدة، وتقدم عند قوله تعالى: {فلا أقسم بمواقع النجوم} في سورة الواقعة (75).والقسم مراد به تأكيد الخبر وتحقيقه، وأدمج فيه أوصاف الأشياء المُقْسَم بها للدلالة على تمام قدرة الله تعالى.و(الخُنّس): جمع خانسة، وهي التي تخنس، أي تختفي، يقال: خنست البقرة والظبية، إذا اختفت في الكناس.و{الجواري}: جمع جارية، وهي التي تجري، أي تسير سيراً حثيثاً.و{الكنس}: جمع كانسة، يقال: كَنسَ الظبي، إذا دخل كِناسه (بكسر الكاف) وهو البيت الذي يتخذه للمبيت.وهذه الصفات أريد بها صفات مجازية لأن الجمهور على أن المراد بموصوفاتها الكواكب، وصفن بذلك لأنها تكون في النهار مختفية عن الأنظار فشبهت بالوحشية المختفية في شجر ونحوه، فقيل: الخُنَّس وهو من بديع التشبيه، لأن الخنوس اختفاء الوحش عن أنظار الصيادين ونحوهم دون سكون في كناس، وكذلك الكواكب لأنها لا تُرى في النهار لغلبة شعاع الشمس على أفقها وهي مع ذلك موجودة في مطالعها.وشبه ما يبدو للأنظار من تنقلها في سمت الناظرين للأفق باعتبار اختلاف ما يسامتها من جزء من الكرة الأرضية بخروج الوحش، فشبهت حالة بُدُوّها بعد احتجابها مع كونها كالمتحركة بحالة الوحش تجري بعد خنوسها تشبيه التمثيل.وهو يقتضي أنها صارت مرئية فلذلك عقب بعد ذلك بوصفها بالكُنّس، أي عند غروبها تشبيهاً لغروبها بدخول الظبي أو البقرة الوحشية كِناسها بعد الانتشار والجري.فشبه طلوع الكوكب بخروج الوحشية من كناسها، وشبه تنقل مَرآها للناظر بجري الوحشية عند خروجها من كناسها صباحاً، قال لبيد: وشبه غروبها بعد سيرها بكنوس الوحشية في كناسها وهو تشبيه بديع فكان قوله: {بالخنس} استعارة وكان {الجوار الكنس} ترشيحين للاستعارة.وقد حصل من مجموع الأوصاف الثلاث ما يشبه اللغز يحسب به أن الموصوفات ظباء أو وحوش لأن تلك الصفات حقائقها من أحوال الوحوش، والإِلغاز طريقة مستملحة عند بلغاء العرب وهي عزيزة في كلامهم، قال بعض شعرائهم وهو من شواهد العربية: أراد أنه يصنع بها غِمداً لسيف صقيل مهند.وعن ابن مسعود وجابر بن عبد الله وابن عباس: حمل هذه الأوصاف على حقائقها المشهورة، وأن الله أقسم بالظباء وبقر الوحش.والمعروف في إقسام القرآن أن تكون بالأشياء العظيمة الدالة على قدرة الله تعالى أو الأشياء المباركة.ثم عطف القسم بـ: {الليل} على القسم بـ: (الكواكب) لمناسبة جريان الكواكب في الليل، ولأن تعاقب الليل والنهار من أجل مظاهر الحكمة الإلهية في هذا العالم.وعسعس الليلُ عَسْعَاساً وعسعسة، قال مجاهد عن ابن عباس: أقبل بظلامه، وقال مجاهد أيضاً عن ابن عباس معناه: أدبر ظلامه، وقاله زيد بن أسلم وجزم به الفراء وحكى عليه الإجماع.وقال المبرد والخليل: هو من الأضداد يقال: عسعس، إذا أقبل ظلامه، وعسعس، إذا أدبر ظلامه.قال ابن عطية: قال المبرد: أقسم الله بإقبال الليل وإدباره معاً. اهـ.وبذلك يكون إيثار هذا الفعل لإفادته كلا حَالَين صالحين للقسم به فيهما لأنهما من مظاهر القدرة إذ يعقب الظلام الضياء ثم يعقب الضياء الظلام، وهذا إيجاز.وعطف عليه القسم بالصُبح حين تنفسه، أي انشقاق ضوئه لمناسبة ذكر الليل، ولأن تنفس الصبح من مظاهر بديع النظام الذي جعله الله في هذا العالم.والتنفس: حقيقته خروج النَفس من الحيوان، استعير لظهور الضياء مع بقايا الظلام على تشبيه خروج الضياء بخروج النَفَس على طريقة الاستعارة المصرحة، أو لأنه إذا بدا الصباح أقبل معه نسيم فجُعل ذلك كالتنفس له على طريقة المكنية بتشبيه الصبح بذي نفس مع تشبيه النسيم بالأنفاس.وضمير {إنه} عائد إلى القرآن ولم يسبق له ذكر ولكنه معلوم من المقام في سياق الإخبار بوقوع البعث فإنه مما أخبرهم به القرآن وكذبوا بالقرآن لأجل ذلك.والرسول الكريم يجوز أن يراد به جبريل عليه السلام، وصف جبريل برسول لأنه مرسل من الله إلى النبي صلى الله عليه وسلم بالقرآن.وإضافة (قول) إلى {رسول} إما لأدنى ملابسة لأن جبريل يبلغ ألفاظ القرآن إلى النبي صلى الله عليه وسلم فيحكيها كما أمره الله تعالى فهو قائلها، أي صادرة منه ألفاظها.وفي التعبير عن جبريل بوصف {رسول} إيماء إلى أن القول الذي يبلغه هو رسالة من الله مأمور بإبلاغها كما هي.قال ابن عطية: وقال آخرون الرسول هو محمد صلى الله عليه وسلم في الآية كلها.اهـ.ولم يُعين اسم أحد ممن قالوا هذا من المفسرين.واستُطرد في خلال الثناء على القرآن الثناءُ على المَلَك المرسل به تنويهاً بالقرآن فإجراء أوصاف الثناء على {رسول} للتنويه به أيضاً، وللكناية على أن ما نزل به صِدق لأن كمال القائل يدل على صدق القول.ووُصِفَ {رسول} بخمسة أوصاف:الأول: {كريم} وهو النفيس في نوعه.والوصفان الثاني والثالث: {ذي قوة عند ذي العرش مكين}.فالقوة حقيقتها مقدرة الذات على الأعمال العظيمة التي لا يَقدر عليها غالباً.ومن أوصافه تعالى: (القوي)، ومنها مقدرة الذات من إنسان أو حيوان على كثير من الأعمال التي لا يقدر عليها أبناء نوعه.وضدها الضعف قال تعالى: {اللَّه الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفاً وشيبة} [الروم: 54].وتطلق القوة مجازاً على ثبات النفس على مرادها والإِقدام ورباطة الجأش، قال تعالى: {يا يحيى خذ الكتاب بقوة} [مريم: 12] وقال: {خذوا ما آتيناكم بقوة} [البقرة: 63]، فوصف جبريل بـ: {ذي قوة} يجوز أن يكون شدة المقدرة كما وصف بذلك في قوله تعالى: {ذو مرة} [النجم: 6]، ويجوز أن يكون في القوة المجازية وهي الثبات في أداء ما أرسل به كقوله تعالى: {علمه شديد القوى} [النجم: 5] لأنّ المناسب للتعليم هو قوة النفس، وأما إذا كان المراد محمد صلى الله عليه وسلم فوصفه بـ: {ذي قوة عند ذي العرش} يراد بها المعنى المجازي وهو الكرامة والاستجابة له.والمكين: فعيل، صفة مشبهة من مكُن بضم الكاف مكانة، إذا علت رتبته عند غيره، قال تعالى في قصة يوسف مع المِلك: {فلما كلمه قال إنك اليوم لدينا مكين أمين} [يوسف: 54].وتوسيط قوله: {عند ذي العرش} بين {ذي قوة} و{مكين} ليتنازعه كلا الوصفين على وجه الإيجاز، أي هو ذو قوة عند الله، أي جعل الله مقدرة جبريل تخوِّله أن يقوم بعظيم ما يوكله الله به مما يحتاج إلى قوة القدرة وقوة التدبير، وهو ذو مكانة عند الله وزلفى.ووصف النبي صلى الله عليه وسلم بذلك على نحو ما تقدم.والعندية عندية تعظيم، وعناية، ف (عند) للمكان المجازي الذي هو بمعنى الاختصاص والزُلفى.وعُدل عن اسم الجلالة إلى {ذي العرش} بالنسبة إلى جبريل لتمثيل حال جبريل ومكانته عند الله بحالة الأمير الماضي في تنفيذ أمر الملك وهو بمحل الكرامة لديه.وأما بالنسبة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فللإِشارة إلى عظيم شأنه إذ كان ذا قوة عند أعظم موجود شأناً.الوصف الرابع: {مطاع} أن يطيعه من معه من الملائكة كما يطيع الجيش قائدهم، أو النبي صلى الله عليه وسلم مطاع: أي مأمور الناسُ بطاعة ما يأمرهم به.و{ثَمَّ} بفتح الثاء اسم إشارة إلى المكان، والمشار إليه هو المكان المجازي الذي دلّ عليه قوله: {عند ذي العرش} فيجوز تعلق الظرف بـ: {مطاع} وهو أنسب لإجراء الوصف على جبريل، أي مطاع في الملأ الأعلى فيما يأمر به الملائكة والنبي صلى الله عليه وسلم مطاعٌ في العالم العلوي، أي مقرَّر عند الله أن يطاع فيما يأمر به.ويجوز أن يتعلق بـ: {أمين}، وتقديمه على متعلقه للاهتمام بذلك المكان، فوصف جبريل به ظاهر أيضاً، ووصف النبي صلى الله عليه وسلم به لأنه مقررةٌ أمانته في الملأ الأعلى.والأمين: الذي يحفظ ما عُهد له به حتى يؤدّيه دون نقص ولا تغيير، وهو فعيل إما بمعنى مفعول، أي مأمون من أمنه على كذا.وعلى هذا يقال: امرأة أمين، ولا يقال: أمينة، وإما صِفة مشبهة من أمُن بضم الميم إذا صارت الأمانة سجيته، وعلى هذا الوجه يقال: امرأة أمينة، ومنه قول الفقهاء في المرأة المشتكية أضرار زوجها: يجعلان عند أمينة وأمين. اهـ. .من لطائف وفوائد المفسرين: قال الشنقيطي:قوله تعالى: {إِنَّهُ لَقول رَسُولٍ كَرِيمٍ}ظاهر هذه الآية يتوهم منه الجاهل أن القرآن كلام جبريل مع أن الآيات القرآنية مصرحة بكثرة بأنه كلام الله كقوله: {فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّه} وكقوله: {كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ}.والجواب واضح من نفس الآية لأن الإيهام الحاصل من قوله: {إنه لقول} يدفعه ذكر الرسول لأنه يدل على أن الكالم لغيره لكنه أرسل بتبليغه فمعنى قوله: {رسول} أي تبليغه عمن أرسله من غير زيادة ولا نقص. اهـ.من الإعجاز العلمي في القرآن: للدكتور زغلول النجار:بحث بعنوان: من أسرار القرآن:.الإشارات الكونية في القرآن الكريم ومغزى دلالتها العلمية: {فلا أقسم بالخنس الجوار الكنس}:بقلم الدكتور: زغلول النجار:والمدلول اللغوي لهاتين الآيتين الكريمتين: أقسم قسما مؤكدا بالخنس الجوار الكنس.والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن هو: ماهي هذه الخنس الجوار الكنس التي أقسم بها ربنا تبارك وتعالى هذا القسم المؤكد، وهو تعالى غني عن القسم؟وقبل الاجابة على هذا التساؤل لابد لنا:أولا: من التأكيد على حقيقة قرآنية مهمة مؤداها أن الآية أو الآيات القرآنية التي تتنزل بصيغة القسم تأتي بمثل هذه الصياغة المؤكدة من قبيل تنبيهنا إلى عظمة الأمر المقسوم به، وإلى أهميته في انتظام حركة الكون، أو في استقامة حركة الحياة أو فيهما معا، وذلك لأن الله تعالى غني عن القسم لعباده.ثانيا: أن القسم في القرآن الكريم بعدد من الأمور المتتابعة لا يستلزم بالضرورة ترابطها، كما هو وارد في سورة التكوير، وفي العديد غيرها من سور القرآن الكريم من مثل سور الذاريات، الطور، القيامة، الانشقاق، البروج، الفجر، البلد، الشمس، والعاديات، ومن هنا كانت ضرورة التنبيه على عدم لزوم الربط بين القسم الأول في سورة التكوير:{فلا أقسم بالخنس الجوار الكنس}والقسم الذي يليه في الآيتين التاليتين مباشرة حيث يقول الحق تبارك وتعالى:{والليل إذا عسعس والصبح إذا تنفس}(التكوير: 18، 17).وهو ما فعله غالبية المفسرين للأسف الشديد، فانصرفوا عن الفهم الصحيح لمدلول هاتين الآيتين الكريمتين.ثالثا: تشهد الأمور الكونية المقسوم بها في القرآن الكريم للخالق سبحانه وتعالى بطلاقة القدرة، وكمال الصنعة، وتمام الحكمة، وشمول العلم، ومن هنا فلابد لنا من إعادة النظر في مدلولاتها كلما اتسعت دائرة المعرفة الانسانية بالكون ومكوناته، وبالسنن الإلهية الحاكمة له حتى يتحقق وصف المصطفي صلى الله عليه وسلم للقرآن الكريم بأنه: «لا تنتهي عجائبه، ولا يخلق على كثرة الرد،» وحتى يتحقق لنا جانب من أبرز جوانب الإعجاز في كتاب الله وهو ورود الآية أو الآيات في كلمات محدودة يري فيها أهل كل عصر معنى معينا، وتظل هذه المعاني تتسع باتساع دائرة المعرفة الإنسانية في تكامل لا يعرف التضاد، وليس هذا لغير كلام الله.رابعا: بعد القسم بكل من الخنس الجوار الكنس والليل إذا عسعس والصبح إذا تنفس يأتي جواب القسم:{إنه لقول رسول كريم} (التكوير: 19).ومعنى جواب القسم أن هذا القرآن الكريم- ومنه الآيات الواردة في مطلع سورة التكوير واصفة لأهوال القيامة، وما سوف يصاحبها من الأحداث والانقلابات الكونية التي تفضي إلى إفناء الخلق، وتدمير الكون، ثم إعادة الخلق من جديد- هو كلام الله الخالق الموحي به إلى خاتم الأنبياء والمرسلين صلى الله عليه وسلم بواسطة ملك من ملائكة السماء المقربين، عزيز على الله تعالى، وهذا الملك المبلغ عن الله الخالق هو جبريل الأمين عليه السلام، ونسبة القول إليه هو باعتبار قيامه بالتبليغ إلى خاتم الأنبياء والمرسلين صلى الله عليه وسلم.خامسا: إن هذا القسم القرآني العظيم جاء في سياق التأكيد على حقيقة الوحي الإلهي الخاتم الذي نزل إلى خاتم الأنبياء والمرسلين (صلي الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين وعلى من تبع هداه ودعا بدعوته إلى يوم الدين)، والذي جاء للناس كافة لينقلهم من ظلمات الكفر والشرك والضلال إلى نور التوحيد الخالص لله الخالق بغير شريك ولا شبيه ولا منازع، ومن فوضي وحشية الإنسان إلى ضوابط الايمان وارتقائها بكل ملكات الإنسان إلى مقام التكريم الذي كرمه به الله، ومن جور الأديان إلى عدل الرحمن، كما جاء هذا القسم المؤكد بشيء من صفات الملك الذي حمل هذا الوحي إلى خاتم الأنبياء والمرسلين صلى الله عليه وسلم، وعلى شيء من صفات هذا النبي الخاتم الذي تلقي الوحي من ربه، وحمله بأمانة إلى قومه، رغم معاندتهم له، وتشككهم فيه، وادعائهم الكاذب عليه صلى الله عليه وسلم تارة بالجنون (وهو المشهود له منهم برجاحة العقل وعظيم الخلق)، وأخري بأن شيطانا يتنزل عليه بما يقول (وهو المعروف بينهم بالصادق الأمين)، وذلك انطلاقا من خيالهم المريض الذي صور لهم أن لكل شاعر شيطانا يأتيه بالنظم الفريد، وأن لكل كاهن شيطانا يأتيه بالغيب البعيد. وقد تلقي رسول الله صلى الله عليه وسلم كل ذلك الكفر والجحود والاضطهاد بصبر وجلد واحتساب حتى كتب الله تعالى له الغلبة والنصر فأدي الأمانة، وبلغ الرسالة، ونصح البشرية، وجاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين.وتختتم سورة التكوير بالتأكيد على أن القرآن الكريم هو ذكر للعالمين وأن جحود بعض الناس له، وصدهم عنه، وإيمان البعض الآخر به وتمسكهم بهديه هي قضية شاء الله تعالى أن يتركها لاختيار الناس وفقا لأرادة كل منهم، مع الايمان بأن هذه الإرادة الانسانية لا تخرج عن مشيئة الله الخالق الذي فطر الناس على حب الايمان به، ومن عليهم بتنزل هدايته على فترة من الرسل الذين تكاملت رسالاتهم في هذا الوحي الخاتم الذي نزل به جبريل الأمين على قلب النبي والرسول الخاتم صلى الله عليه وسلم، وأنه على الرغم من كل ذلك فإن أحدا من الناس- مهما أوتي من أسباب الذكاء والفطنة- لا يقدر على تحقيق الاستقامة على منهج الله تعالى إلا بتوفيق من الله. وهذه دعوة صريحة إلى الناس كافة ليطلبوا الهداية من رب العالمين في كل وقت وفي كل حين.والقسم بالأشياء الواردة بالسورة هو للتأكيد على أهميتها لاستقامة أمور الكون وانتظام الحياة فيه، وعلى عظيم دلالاتها على طلاقة القدرة الإلهية التي أبدعتها وصرفت أحوالها وحركاتها بهذه الدقة المبهرة والاحكام العظيم.
|